للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نكوله؛ لأن الأصل براءة ذمته، ولذا تعرض اليمين على المدعي حتى ينظر في أمر الحكم لصالحه بما ادعى به١.

ومن ذلك أيضًا ما إذا اختلف في قيمة التلف، حيث تجب قيمته على متلفه، كالمستعير، والغاصب، والمودع المتعدي، فالقول قول الغارم؛ لأن الأصل براءة ذمته مما زاد.

وذكر السيوطي من الأمثلة المطبقة فيها هذه القاعدة أيضًا، أنه لو قال رجل: أن كان هذا الطائر غرابًا فامرأتي طالق، فقال رجل آخر كان موجودًا: إن لم يكن نفس الطائر -الذي أشار إليه الأول- غرابًا فامرأتي طالق، فطار الطائر، ولم يعرف، فإنه يباح لكل واحد من


١ ذكر ابن قيم أن الإمام الشافعي قال لبعض مناظريه: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد الواحد، وذكر عمر بن حزم، والمغيرة بن شعبة قالا: بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل رجلان يختصمان، مع أحدهما شاهد له على حقه، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمين صاحب الحق مع شاهده، فاقتطع بذلك حقه".
وروى البيهقي أيضًا من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن علي: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعثمان كانوا يقضون بشهادة الشاهد الواحد، ويمين المدعي"، قال جعفر: والقضاة يقضون بذلك عندنا اليوم.
وقد نسب إلى البخاري إنكار الحكم بشاهد ويمين، وقد ذكر ابن قيم أن عدم رواية البخاري حديثًا، أو أثرًا في الشاهد واليمين ظاهر في أنه لا يذهب إليه. وهذا ليس بصريح مذهبه، ولو صرح به فالحجة فيما يرويه لا فيما يراه.
الطرق الحكمية ص١٩٤، ٢٠٢.
وقد أورد أستاذي الدكتور/ سلام مدكور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حكم بالشاهد بالشاهد واليمين على ما رواه مسلم عن ابن عباس، وأبو داود عن أبي هريرة والبيهقي، وكذا الإمام علي وهذا مذهب الشافعي، وأحمد والليث، في المال وما يتعلق به، ورد الآخرون شهادة الواحد مع اليمين.

<<  <   >  >>