للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رواتها مقال، إلا أنها أحاديث كثيرة قد وردت من طريق عدة يعضد بعضها بعضا ويقويه١، كما أنها تتوافق وما تهدف إليه شريعة الله العادلة الرحيمة، إذ المتبصر فيها يجد أنها بقدر ما تشددت في العقوبة، التي وضعتها للجرائم الحدية، فهي بالقدر نفسه قد حرصت، وتوخت دفع هذه العقوبة عن المسلم، ويتضح هذا فيما وضعته من شروط لإقامة هذه العقوبة، وتلمس درئها عمن وجبت عليه.

هذا ما عليه إجماع جمهور الفقهاء٢؛ لأنهم يرون أن الحد إذا ثبت، فإن إقامته تصبح واجبة، فإذا ما روي النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، والتابعين إسقاط هذا الواجب بشبهة، فإن مثل هذه الرواية تصبح في قوة الرواية المرفوعة؛ لأنها أسقطت ما وجب حدًا٣


١ يقول الصنعاني: وأحاديث درء الحدود بالشبهات، وإن كان في إسنادها مقال، إلا أنها يعض بعضها بعضًا، كما أن الروايات الموقوفة في ذلك تعاضد المرفوع.
سبل السلام شرح بلوغ المرام لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ج٤ ص١٥ ط، سنة ١١٨٢هـ.
٢ يقول ابن الهمام: "في إجماع فقهاء الأمصار على أن الحدود تدرأ بالشبهات كفاية، شرح فتح القدير ج٥ ص٢٤٩ ط الحلبي.
وقد ذكر ابن قدامة مثل ذلك، وحكي عن ابن المنذر قوله: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الحدود تدرأ بالشبهات. المغني ج١٠ ص١٥٤ ط الأميرية.
٣ يقول ابن الهمام: والموقوف في هذا الباب له حكم المرفوع؛ لأن إسقاط الواجب بعد ثبوته بشبهة خلاف مقتضى العقل، بل مقتضاه أن بعد تحقق الثبوت لا يرتفع بشبهة، فحيف ذكره صاحبي حمل على الرفع، شرح فتح القدير ج٥ ص ٢٤٨-٢٤٩ط مصطفى الحلبي.

<<  <   >  >>