للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نتحدث أن ماعزا والغامدية لو رجعا بعد اعترافهما، أو لم يرجعا "بعد اعترافهما" لم يطلبهما.

ويعلق ابن حزم على هذا بقوله: وهذا ظن والظن لا يجوز القطع به، وقول القائل لو فعل فلان كذا لفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرًا كذا، ليس بشيء إذ لم يفعل ذلك لفلان١.

والأمر ليس بظن كما قال ابن حزم، وإنما هو تقرير لما كان عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.

وإطلاق ابن حزم على هذه الحالة بأنها من باب الظن، إطلاق خطأ إذ إن الظن يتحقق فيما لو أن ماعزًا، والغامدية رجعا عن إقرارهما، أو لم يرجعا إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد الإقرار الأول، فتوهم الصحابة أن الحد قد سقط عنهما، وقالوا مقالتهم هذه، وإذ بالرسول يقيم الحد عليهما بإقرارهما مرة واحدة، أو يرسل يطلبهما، ويستنطقهما الإقرار.

هذه هي الحالة التي يمكن أن يطلق ما على قبله الصحابة ما ذكره ابن حزم من أنه ظن، والظن لا يجوز القطع به.

ولكن الحالة مختلفة، والأمر متغاير، فما قاله الصحابة ليس بظن، وإنما هو تقرير لما كان عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الأبرار.

كما أن ابن حزم قد قال فيما ذكره عن جابر٢، وأقر بصحته


١ المحلى لابن حزم ج٩ ص١٢٥.
٢ جابر بن عبد الله بن عمر بن حرام بن كعب الأنصاري السلمى أحد المكثرين عن النبي -صلى الله عليه وسلم، شهد تسع عشرة غزوة، كانت له حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم، ت عام ٧٨هـ، عن أربع وتسعين سنة الإصابة في تمييز الصحابة ج١ ص٢١٣ "ط المثنى ببغداد"

<<  <   >  >>