للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- لماعز كانت لتهمته إياه في عقله، وفي جهله ما هو الزنا فقط١.

ومقالة ابن حزم هذه تستوجب وقفة لمناقشته في قوله: "إنما كان لتهمته في عقله، وفي جهله ما هو الزنا".

فتهمة ماعز في عقله، أو جهله تورث الشك والشبهة في دليل الإثبات، أو في القصد الجنائي، أو فيهما معا لهذا أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة على حد قول ابن حزم -الاستيثاق، وما ذلك إلا إزالة الشبهة، ثم ما مراد "ابن حزم من الجهل بالزنا؟ أن كان جهلًا لتحريمه، فهو شبهة في الركن الشرعي لقيام الجريمة.

وإن كان جهلًا ماديًا، فهو شبهة في قيام الركن المادي للجريمة الثابت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم، قد راجع ماعزا بقوله: "لعلك" حتى وصل إلى حد النطق بما يكره، وهذا ثابت عند ابن حزم، إذا فما هدف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من ذلك كله؟

إن كان التأكد من سلامة الإقرار الحد بحيث لا يقيمه بشبهة، فهذا نتفق فيه مع ابن حزم وأصحابه.

وإن كان للتأكد من عدم وجود شبهة تتصل بالجاني، أو بدليل الجناية أو بمادياتها، وهذا ما لا يستطيع ابن حزم إنكاره، فهذا هو الدليل القاطع على إعمال مبدأ درء الحدود بالشبهات، يقدمه ابن حزم نفسه رادًا به على نفسه.

ويقول ابن حزم: وإنما روي عن بعض الصحابة أنه قال: كنا


١ المحلى ج١٣ ص١٠٢-١٠٣.

<<  <   >  >>