للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يدرء الحد عن ماعز كرجوعه عن إقراره مثلًا، أو غير ذلك من الشبهات الدارئة: التي قد يثيرها ماعز.

الثانية: عند قول ماعز: إن قومي قتلوني وغرروني من نفسي، وأخبروني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير قاتلي.

هذا القول يدل صراحة على أن ماعزا قد توهم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم، سيعفو عنه كما أخبره قومه، وهذا ما دفع ماعزا إلى الإصرار على إقراره بالرغم من مراجعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له.

والنتيجة أن ماعزا لو لم يكن متوهمًا ذلك لما استمر في إقراره، ولرجع عنه قبل أن يصل به إقراره إلى حالته التي كان فيها، ويتبين من ذلك في وضوح أن رجوع ماعز عن إقراره كان كافيًا لدفع العقاب عنه، وإسقاط ما لزمه من حد نتيجة إقراره.

أما الظن الثاني الذي قدمه ابن حزم، وهو أنه لم يصح عنده ما ورد عن: "ادرءوا الحدود ما استطعتم"، وما في معناه، نظرًا؛ لأن أعمال ذلك يؤدي في رأيه إلى إبطال الحدود، إذ أن في استطاعة كل فرد أن يدرأ كل حد يأتيه، فلا يقيمه.

فهذا التعليل الذي ذكره ابن حزم، وبنى عليه رده لقاعدة درء الحدود بالشبهات، تعليل مردود ودليل ذلك ما يأتي:

١ يناقض ما ذهب إليه ابن حزم من الحرص على الإبقاء على الإدانة بالحد، وعدم نفيها أو إسقاطها، ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من نصوص تأمر المسلم أن يحاول ستر نفسه بستر الله سبحانه وتعالى، بقدر ما يستطيع، يقول الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس: قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، فمن أصاب من هذه

<<  <   >  >>