للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن السابقين قد يبنوا المراد بالشبهات، وإن كان قد جاء اختلاف في تفسيراتهم للشبهات، فليس ذلك عيبًا يسقط الأخذ بها، أو ينفي أعمالها، وإنما هو رحمة من الله سبحانه وتعالى، وإقرار لمبدأ الاجتهاد، وإعمال له.

ويكفي في الرد على ابن حزم في كل ما أثاره من طعون ما ذكره هو نفسه، فيما رواه عن أبي موسى الأشعري١ -رضي الله تعالى عنه- من أنه قال: "أتيت وأنا باليمن بامرأة فسألتها؟ فقالت: ما تسأل عن امرأة حبلى، ثيب من غير بعل، أما والله ما خاللت خليلًا، ولا خادنت خدنا، منذ أسلمت، ولكني بينما أنا نائمة بفناء بيتي، فوالله ما أيقظني إلا الرجل حين ركبني، وألقى في بطني مثل الشبهات، فقال: فكتبت فيها إلى إلى عمر بن الخطاب، فكتب إلي: أن وافني بها وبناس من قومها، فوافيته بها في الموسم، فسأل عنها قومها؟ قالوا: خيرًا، وسألها، فأخبرته كما أخبرتني، فقال عمر: شابة تهامية تنومت قد كان ذلك يفعل، فمارها عمر وكساها، وأوصى بها قومها خيرًا".

ثم يقول ابن حزم معقبًا على هذا كله: "هذا خبر في غاية الصحة"٢، وهنا سؤال يوجه إلى ابن حزم فيما رواه بصحته، لماذا لم يقم أبو موسى الأشعري الحد على هذه المرأة؟.

وما الذي حدا به لسؤال عمر في أمرها؟.


١ أبو موسى الأشعري، اسمه عبد الله بن قيس بن سليم، ينتهي بسبه إلى الأشعر أسلم، وهاجر إلى الحبشة استعماله النبي على اليمن، واستعمله عمر على البصرة، ففتح بلاد الأهواز وأصبهان ت سنة ٤٢هـ.
٢ المحلى لابن حزم ج٩ ص١٢٣-١٢٤.

<<  <   >  >>