وجمهور فقهاء الشافعية، وإن قالوا بشبهة الجهة هذه، فإنهم لم يتركوا باباها مفتوحًا ليدخل فيه كل خلاف بين الفقهاء، وإنما قصروا ذلك على وقائع محدده، هي التي قالوا بانضوائها تحت ما وضعوه من ضابط للقول بهذه الشبهة.
من هذه الوقائع النكاح بلا ولي، أو بلا شهود ومثلهما نكاح المتعة، ثم ذكروا وقائع أخرى اختلف فيها فقهاء، لكنهم لم يروا اختلاف الفقهاء فيها اختلافًا منتجا لشبهة الجة، أو الطريق؛ لأنهم يرون أن الضابط في الشبهة قوة المدرك، لا عين الخلاف، كما ذكرها الشيخان.
فلو وطئ أمة غيره بإذنه حد على المذهب عند جمهور الشافعية، وإن حكي عن عطاء حل ذلك، وهو ما ذهب إليه الشيعة الجعفرية.
كما أن فقهاء الشيعة يشترطون في محل الخلاف المذكور أن لا يقارنه حكم، فإن قارنه حكم بأن حكم شافعي يبطلانه حد قطعًا، أو حنفي أو مالكي بصحته لم يحد قطعًا؛ لأن حكم القاضي يمنع النزاع، ويرفع الخلاف، وعلى هذا فإن جمهور فقهاء الشافعية لم يقل بشبهة الجهة بصفة عامة، وإنما وضع لها من الضوابط ما يخصصها، ويحدد مرادهم بها، وقد وضح الشربيني الخطيب ذلك بقوله:
وقد مر أن شرط الشبهة أن تكون قوية المدرك مسقطة للحد ليخرج أيضًا شبهة من استؤجرت للزنا، فلذلك قال: ويحد في وطء مستأجر للزنا بها لانتفاء الملك والعقد، وعقد الإجارة باطل، ولا يورث شبهة، مؤثرة كما لو اشترى خمرًا فشربها، وهذا ما ذهب إليه المالكية والحنابلة أيضًا.