وعن أبي حنيفة أنه لا حد؛ لأن الإجارة شبهة، وعورض بأنها لو كانت شبهة لثبت النسب، ولا يثبت اتفاقًا.
فإن قيل: لم لم يراع خلافه هنا كما مر في نكاح بلا ولي؟ أجيب بضعف مدركه هنا.
ويحد أيضًا في وطء مبيحة فرجها للوطء؛ لأن البضع لا يباح بالإباحة، وتحد هي أيضًا في المسألتين، وفي وطء محرم بنسب أو رضاع، أو مصاهرة وأن كان تزوجها؛ لأنه وطء صادف محلًا ليس فيه شبهة، وإن كان أبو حنيفة قد قال لا حد عليه؛ لأن صورة العقد شبهة١.
من هذا يبين تأكيد جمهور فقهاء الشافعية، والحنابلة على أن تكون الشبهة قوية المدرك حتى يمكن الاعتداد بها في إسقاط الحد، فإن تخلف هذا الشرط، فإنها تصبح شبهة ضعيفة لا يلتفت إليها، ولا يدرأ بها حد.
وعلى هذا فإن شبهة الجهة، أو الطريق لا تقوم عندهم إلا إذا كان الخلاف في حل الفعل وتحريمه، بشرط أن يكون هذا الخلاف ناتجًا من اعتداد من يقول بالحل بدليله الذي ثبت عنده، واعتداد من يقول بالحرمة بدليله الذي ثبت عنده.
وعلى هذا أيضًا لا يعد من شبهة الجهة، أو الطريق كل خلاف في أن هذه شبهة أم لا، ما دام الفقهاء قد اتفقوا على تحريم الفعل، ولم يوجد عند أحدهم دليل يقول بحله.
١ مغني المحتاج ج٤ ص١٤٥-١٤٦، فتح القدير ج٥ ص٥٥٠-٢٦٢ط الحلبي الخرشي ج٨ ص٧٦، حاشية الدسوقي ج٤ ص٣١٤ المغني ج٨ ص٢١١، المختصر النافع ص٢١٠ الروضة البهية شرح اللمعغة الدمشقية ج٢ ص١١٣ نقلًا عن أستاذي الدكتور سلام مدكور نظرية الإباحة ص٢٢٢-٢٢٣.