للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي أن ما اختلف عليه جمهور الفقهاء -مع أبي حنيفة، فيما يرى الإمام أبو حنيفة أنه شبهة عقد، أو اشتباه ويرى جمهور الفقهاء أنه ليس بشبهة، لا يجوز الاعتداد به، ولا يترتب عليه إسقاط العقوبة الحدية، ما دام الجمهور يرون أن الفعل الذي وقع حرام عندهمن ويتمثل ذلك فيما قال به الإمام أبو حنيفة من شبهة العقد، أي عقد، حتى ولو كانت العقوبة عليه محرمة على من عقد عليها لنفسه حرمة ثابتة بإجماع الفقهاء، حتى ولو كان التحريم على التأبيد.

وقد بقين الكساني بقوله: "والأصل عند أبي حنيفة عليه الحرمة أن النكاح إذا وجد من أهله مضافًا إلى محل قابل لمقاصد النكاح بمنع وجود الحد، سواء أكان حلالًا أم حرمًا، وسواء أكان مختلفًا فيه أم مجمعًا عليه، وسواء أظن الحل فادعى الاشتباه أم علم الحرمة"١.

وعلى هذا فلو عقد رجل على من تحرم عليه من نسب، أو رضاع أو مصاهرة أو لأي سبب غير ذلك، ثم دخل بها، فإن عقده عليها يعد عند أبي حنيفة شبهة تسقط الحد، نظرًا؛ لأن هذا الرجل وهذه المرأة يشملها عموم النص الذي ورد بإباحة نكاح من تطيب من النساء: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ٢.

ويشملها أيضًا العموم الذي جاء في قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} ٣، وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} ٤.


١ بدائع الصنائع ج٧ ص٣٦ ط الجمالية سنة ١٩١٠، فتح القدير ج٥ ص٢٥٩-٢٦٢ الحلبي.
٢ من الآية ٣ من سورة النساء.
٣ من الآية ٢١ من سورة الروم.
٤ الآية ٤٥ من سورة النجم.

<<  <   >  >>