للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإمام أبو حنيفة، يرى أن الآيات قد جعلت الأنثى من بنات آدم عليه السلام محلًا صالحًا لمقاصد النكاح من السكنى، والولد والتحصين وغيرها، فكانت محلًا لحكم النكاح؛ لأن حكم التصرف وسيلة إلى ما هو المقصود من التصرف، فلو لم يجعل محل المقصود محل الوسيلة، لم يثبت معنى التوسل، إلا أن الشرع أخرجها من أن تكون محلًا للنكاح شرعًا مع قيام الحلية حقيقة، فقيام صورة العقد والمحلية يورث شبهة إذ الشبهة اسم لما يشبه الثابت، وليس بثابت.

كما أن الإمام أبا حنيفة يرى أن النكاح، والمحلية قد وجدا غير أن شرط الصحة قد فات، فكان نكاحًا فاسدًا، والوطء في النكاح الفاسد لا يكون زنا بالإجماع١.

كما ذكر صاحب المبسوط أن الإمام أبا حنيفة لا يرى حدًا على من استأجر امرأ ة ليزني بها؛ لأن عقد الاستئجار مشروع لملك المنفعة، أو باعتبار ذلك ينتج شبهة تدرأ الحد.

فقد جاء في المبسوط: رجل استأجر امرأة ليزني به، فزنى بها، فلا حد عليهما في قول أبي حنيفة ...

واحتج رحمه الله بحادثتين ذكرهما عن عمر -رضي الله تعالى عنه، إحدهما ما روي أن امرأة استسقت راعيًا، فأبى أن يسقيها حتى تمكنه من نفسها، فدرأ عمر الحد عنها.

والثانية أن امرأة سألت رجلًا مالًا، فأبى أن يعطيها حتى تمكنه من نفسها، فدرأ الحد، وقال: هذا مهر، ولا يجوز أن يقال: إنما درأ الحد؛ لأنها كانت مضطرة تخاف الهلاك من العطش؛ لأن هذا المعنى لا يوجب سقوط الحد عنه، وهو غير موجود فيما إذا كانت سائلة مالا كما ذكرنا


١ بدائع الصنائع ج٧ ص٣٦ ط الجمالية سنة ١٩١٠م.

<<  <   >  >>