للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الثانية أنه علل، فقال: هذا مهر ومعنى هذا أن المهر والأجر يتقاربان، قال تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} ١ سمى المهر أجرًا. ولو قال: أمهرتك كذا لأزني بك لم يجب الحد، وكذلك إذا قال: استأجرتك، توضيحية أن هذا الفعل ليس بزنا، وأهل اللغة لا يسمون الوطء الذي يترتب على العقد زنا، ولا يفصلون بين الزنا وغيره إلا بالعقد، فكذلك لا يفصلون بين الاستئجار والنكاح؛ لأن الفرق بينهما شرعي، وأهل اللغة لا يعرفون ذلك، فعرفنا أن هذا الفعل ليس بزنا لغة، وذلك شبهة في المنع من وجوب الحد حقًا لله تعالى، كما لا يجب الحث على المختلس؛ لأن فعله ليس بسرقة لغة، يوضحه أن المستوفي بالوطء، وإن كان في حكم العتق، فهو في الحقيقة منفعة، الاستئجار عقد مشروع لملك المنفعة، وباعتبار هذه الحقيقة يصير شبهة، بخلاف الاستئجار للطبخ والخبز؛ لأن العقد هناك غير مضاف إلى المستوى بالوطء، ولا إلى ما هو سبب له، فالعقد المضاف إلى محل يوجب الشبهة في ذلك المحل لا في محل آخر"٢.

وما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة من إطلاق شبهة العقد قم يرضه جمهور الفقهاء، وقالوا بوجوب الحد على من عقد على امرأة مجمع على تحريمها عليه؛ لأنهم يرون أن صورة المبيح، إنما تكون شبهة إذا كانت صحيحة، والعقد في المسائل التي قال بها الإمام أبو حنيفة باطل محرم وفعله جناية تقتضي عقوبة تنضم إلى عقوبة الزنا، فلم تكن شبهة٣.


١ من الآية ٢٤ من سورة النساء.
٢ المبسوط للسرخسي ج٩ ص٥٨-٥٩.
٣ المغني ج٨ ص١٨٢ المهذب ج٢ ص٢٦٨، مغني المحتاج ج٤ ص١٤٦ الشرح الكبير لابن قدامة ج١٠ ص١٨٨-١٨٩ كشاف القناع ص٩٨، حاشية الدسوقي ج٤ ص٣١٤.
الخرشي ج٨ ص٩١.

<<  <   >  >>