للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستند نقد الفقهاء لأبي حنيفة، فيما ذكر من إسقاط الحد بالنسبة لمن استأجر امرأة فزنى بها.

وقالوا: إن عقد الإجارة باطل ولا يورث شبهة، وقاسوا ذلك بحال من اشترى خمرًا فشربها، وأن عقد الإجارة لو كان يورث شبهة لثبت به النسب، والنسب لا يثبت في مثل ذلك اتفاقًا١.

ويزيد ابن القيم على ما سبق من قول الفقهاء منكرًا على أبي حنيفة قوله بشبهة عقد الاستئجار: كيف يجتمع في الشريعة تحريم الزنا والمبالغة في المنع منه، ثم يسقط الحد بالتحايل عليه بأن يستأجره لذلك، أو لغيره ثم يقضي غرضه منها؟

وهل يعجز عن ذلك زان أبدًا؟!

وهل يسقط الشارع الحكم الحد، عمن أراد أن ينكح أمه أو ابنته، أو أخته بأن يعقد عليها العقد، ثم يطأها بعد ذلك، وهي ما زادت صورة العقد المحرم، إلا فجوررا وإثماً، واستهزاء بدين الله وشرعه، ولعبًا بآياته؟

فهل يليق به مع ذلك دفع هذه العقوبة عنه، وإسقاطها بالحيلة التي فعلها مضمومة إلى فعل الفاحشة بأمه وابنته٢، هذه مقالة أبي حنيفة، وبيان رأي الجمهور فيها.

أما الصاحبان أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، فإنهما لم يقولا بشبهة


١ الخرشي ج٨ ص٧٦، حاشية الدسوقي ج٤ ص٢١٤.
مغني المحتاج ج٤ ص١٤٦، المغني -٨ ص٢١١، فتح القدير ج٥ ص٢٦٢.
٢ إعلام الموقعين لابن القيم ج٣ ص١٩٨-١٩٩.

<<  <   >  >>