للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يقضي منه لاختلاف الفقهاء في القول بسقوط دم المولى بعفو أحد الأولياء.

وهذا الأختلاف قد أنتج شبهة تدرء الحد عن الولي القاتل١، ومثل هذا جهل الحربى الذي دخل دار الإسلام، فأسلم ثم شرب الخمر لجهله بحرمة شربها، نظرًا؛ لأن تحريم ذلك لم تنص عليه جميع المعتقدات المخالفة للإسلام، كما أنه حديث عهد بالدين، هذا بخلاف ما لو أسلم ثم شرب الخمر، وادعى جهله بتحريمها، فإنه يلزم بالعقوبة؛ لأن جهلة هذا لا يعد عذرًا دارئًا للعقوبة الحدية، نظرًا لشيوع تحريم الخمر في دار الإسلام، وهو ممن يقيمون بها.

وبخلاف ما لو دخل الحربي -الكتابي- دار الإسلام، فأسلم ثم زنى جاهلًا التحريم، فإن جهله هذا لا يعد عذرًا، لحرمة الزنا في جميع الأديان٢، من هذا يبين أن الجهل بالأحكام لا يعتبر دائمًا عذرًا رافعًا للإثم والحرج في ترك امتثال أوامر الشارع، وإنما يكون عذرًا يعتد به درء العقوبة الحدية في بعض الحالات، سواء أنتج رفع الإثم عن الفاعل، وإسقاط جنس العقوبة عنه أم درء الحد فقط مع بقاء الإثم، وإلزام الفاعل العقوبة التعزيرية.

كما أن القول بأن لا عذر بالجهل في دار الإسلام قول لا يؤخذ على عمومه وإطلاقه، فهناك من الأمور ما يعد بالجهل بأحكامها من بعض المقيمين في دار الإسلام عذرًا، نظرًا لعدم تيسير ذلك لهم.

وقد أشار إلى ذلك الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور بقوله: وقد لمست روح الشريعة في هذا المقامن فيما أورده الكمال وغيره من


١ مغني المحتاج ج٤ ص١٤٥ ط مصطفى الحلبي.
٢ تيسير التحرير للكمال باد شاه أمير ج٤ ص٢١١-٢٢٧.

<<  <   >  >>