للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يمكن أن يصل إليه فيه المقر، أو كان الشخص الذي زعم المقر بأنه قتله بالأمس قد مات منذ فترة بعيدة، أو أقر بأنه قد ذبحه بسكين، فإذ به قد مات موتًا طبيعيًا، وكان أهله بجواره، وهو يعالج سكرات الموت.

وكما لو أقر بأنه زنى بفلانة، وظهرت رتقاء، أو ظهر أنه مجبوب، فالإقرار في كل هذا وقد وجد ما يعارضه، وينفي عنه صفة القطعية التي هي شرط للاعتداد به، والحكم بمقتضاه.

وقد بين هذا ما ذكره ابن نجيم عند الحديث عن شروط الإقرار الذي يعتد به في إثبات الجنايات الحدية، فقال: "أن لا يظهر كذبه في إقراره، فلو أقر فظهر مجبوبًا، أو أقرت فظهرت رتقاء، وذلك بأنه تخبر النساء بأنها رتقاء قبل الحد اندرء الحد، وذلك؛ لأن إخبارهن بالرتق يوجد شبهة"١.

فوجود الشبهة في الإقرار أو وجود ما يعارضه أولى بالاعتداد به من الإقرار نفسه؛ لأن الأصل براءة الذمة، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بدليل ثابت يقيني لا يوجد ما يعارضه، أو يوهن منه٢.

٣ يجب أن ييستمر الإقرار قائمًا من المقر بالصورة التي تفيد اليقين، وتبقى ثبوت الإقرار حتى يتم تنفيذ العقوبة الحدية.


١ البحر الرائق ج٥ ص٧، كما جاء في المبسوط ج٩ ص٩٨ "ط بيروت"، وإن أقر المجبوب بالزنا لا يحد؛ لأنا نتيقن بكذبه، فالمجبوب ليس معه آلة الزنا، والمتيقن بكذبه أكثر تأثيرًا من رجوعه عن الإقرار.
٢ الأشباه والنظائر للسيوطي ص٥٩، الطرق الحكمية لابن قيم ص٨٢-٨٣.

<<  <   >  >>