للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن وجد في شهادتهم من يدرأ به الحد درأه، قلت: فإن أبوا أن يكشفوا شهادتهم؟ قال: لا يقام الحد إلا بعد كشف الشهادة، وذلك رأيي١.

وقد جاء اشتراط وضوح الشهادة، وتفصيلها، واستفسار القاضي الشهود عن كل ما يمكن أن يكون شبهة تدرأ الحد، أو تسقط العقوبة، عن كل من فقهاء الحنابلة٢، والشيعة٣ أيضًا.

من هذا كله يتضح أن جمهور الفقهاء، يرون اشتراط تحري الدقة في الشهادة التي يثبت بها الحد، ووضوحها وبيانها للجناية المشهود عليها بيانا لا يبقى معه أدنى لبس، حتى يمكن أن يحكم القاضي بناء على هذه الشهادة بالعقوبة المقررة لما ارتكبه الجاني من الجرائم الحدية.

أما ابن حزم، فإنه يرى أن ما يجب أن يستفسر القاضي الشهود عنه هو ما لا تتم الشهادة إلا به، والذي إذا نقص لم تكن الأقوال التي قبلت شهادة، وإذا اختلف الشهود فيه بطلت شهادتهم، ولم تتم.

أما ما لا معنى لذكره في الشهادة ولا يحتاج إليه فيها، وتتم الشهادة مع السكوت عنه، فلا ينبغي أن يلتفت إليه، وسواء اختلفت الشهود فيه، أو لم يختلفوا، وسواء ذكروه، أو لم يذكروه -واختلافهم في قصة أخرى ليست من الشهادة في شيء، ولا فرق، فلما وجب هذا كان ذكر اللون في الشهادة لا معنى له، وكان أيضًا ذكر الوقت في الشهادة في الزنى وفي السرقة، وفي القذف وفي الخمر لا معنى


١ المدونة ج١٦ ص١٤٠.
٢ المغني ج٨ ص١٩٩.
٣ مباني تكملة المنهاج ج١ ص١٨٠.

<<  <   >  >>