مع أن قول بعض الشهود في بلد كذا، وقول الباقين لا بل في بلد آخر شهادة بواقعتين مختلفتين لا بواقعة واحدة، ولا بد للشهادة بكل واحد من الواقعتين من أربعة شهود حتى يقام الحد، كما هو متفق عليه، ولا يجوز أن يقام حد بشهادة أربعة شهود كل منهم قد رأى واقعة، غير التي رآها غيره من باقي الشهود، كما لا يخفى أن من جاء يشهد بواقعة زنا قد وقعت منذ سنة، ولم يمنعه مانع من الشهادة بها وقتها، يجب أن يستوضح، ويسأل عن سبب تأخره في الإدلاء بما رأى خصوصًا، وأن الشهادة بهذا تقام حسبة، وتأخيرها بلا سبب جوهري يورث شكًا في من جاء يشهد، وفي الوقائع التي يشهد بها، وعلى ذلك فما ذهب إليه الجمهور أولى بالاتباع.
٢- أن تكون الشهادة مفيدة لليقين بحيث لا يظهر ما يعارضها، ولو ظاهرًا: فإن ظهر ما يعارضها، ولو في الظاهر فإن الفقهاء قد رأوا في إثباتها للحد ما يأتي:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الشهادة إذا وجد ما يعارضها، ولو في الظاهر تصبح محلًا للشبهة، ولا تفيد اليقين والقطع، ولهذا فإنه لا يعول عليها في إثبات جناية من الجنايات الحدية، وقد أورد ابن الهمام في هذا قوله:"وإن شهد أربعة على امرأة بالزنا، وهي بكر بأن نظر النساء إليها، فقلن: هي بكر درئ عنهما أن عن المشهود عليهما بالزنا، وعنهم أي، ويدرأ حد القذف عن المشهود"١.
وقد وضح السرخسي هذ بقوله: "إن نظر إليها النساء قبل إقامة الحد، وقلن: هي عذراء أو رتقاء يدرأ عنها الحد؛ لأن الشبهة