للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ذهب إليه فقهاء الشافعية، وأن كان منهم من قيد عدم حد قاذفيها بما إذا كان بين الشهادتين زمن بعيد يمكن العذرة فيه.

فإن شهدوا أنها زنت الساعة، وشهدن بأنها عذراء، وجب حد الشهود؛ لأنهم قذفوها لقيام ما يخالف ما شهدوا به١، وإن كنت أرى عدم حدهم حد القذف؛ لأن الطب الشرعي قد ذهب إلى إمكان حدوث الإيلاج مع بقاء غشاء البكارة إذا كان من النوع الذي يطلقون عليه الغشاء الهلالي٢، ولا حد عليها نظرًا لقيام ما يعارض ما شهد به الشهود، ولو في الظاهر، إذ الحدود تدرأ بالشبهات.

ووافق فقهاء الحنابلة ما ذهب إليه الجمهور، إذ رأوا أنه لا حد على من شهد النساء ببكارتها، وكذا لا حد على من قامت البينة أنه مجبوب؛ لأن وجود مثل ذلك يعارض إمكان وقوع الجريمة الحدية.

واكتفى فقهاء الحنابلة بوجود امرأة واحدة تشهد ببقاء العذرة، يقول ابن قدامة بعد عرضه آراء الفقهاء في ذلك:

"ولنا أن البكارة تثبت بشهادة النساء، ووجودها يمنع من الزنا ظاهرًا.. وإذا انتفى الزنا لم يجب الحد، كما لو قامت البينة بأن المشهود عليه بالزنا مجبوب، وإنما لم يجب الحد على الشهود لكمال عددهم مع احتمال صدقهم.. ويجب أن يكتفى بشهادة امرأة واحدة؛ لأن شهادتها مقبولة فيما لا يطلع عليه الرجال٣.

وجاء عن فقهاء الشيعة: إذا شهد أربعة رجال على امرأة بكر بالزنا


١ مغني المحتاج ج٤ ص١٥١.
٢ ذكر أستاذي الدكتور سلام مدكور، أنه قد درس ذلك في كتاب الطب الشرعي للدكتور محمد سليمان.
٣ المغني ج٨ ص٢٠٨، ٢٠٩، ٦٢.

<<  <   >  >>