للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبلا وأنكرت المرأة، وادعت أنها بكر، فشهدت أربع نسوة بأنها بكر، سقط عنها الحد.

واستدلوا لذلك بما روي من أنه أتى أمير المؤمنين بامرأة بكر زعموا أنها زنت، فأمر النساء فنظرن إليها فقلن، هي عذراء، فقال: ما كنت لأخرب من عليها خاتم من الله، وفقهاء الشيعة لم يكتفوا بشهادة امرأة واحدة كما ذهب إليه فقهاء الحنابلة، وإنما اشترطوا لاعتبار ذلك شبهة، أن يشهد أربع نسوة ببكارتها.

ولا حد أيضًا عندهم على من شهدوا على هذه المرأة بالزنا، لاكتمال عدد الشهود١.

أما ابن حزم الذي لا يدرأ الحد بالشبهة، فإنه قد فصل القول فيمن شهد عليها أربعة بالزنا، ثم شهد أربع نسوة أنها عذراء، فقال: قال الله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} ٢. فواجب إذا كانت الشهادة عندنا -في ظاهرها حقًا، ولم يأت شيء يبطلها أن يحكم بها، وإذا صح عندنا أنها ليست حقا، ففرض علينا أن لا نحكم بها، إذ لا يحل الحكم بالباطل، هذا هو الحق الذي لا شك فيه.

ثم نظرنا في الشهود لها أنها عذراء، فوجب أن يقرر النساء على صفة عذرتها، فإن قلن: إنها عذرة، يبطلها إيلاج الحشفة ولا بد، وأنه صفاق٣ عند باب الفرج، فقد أيقنا بكذب الشهود، وأنهم وهموا فلا يحل إنفاذ الحكم بشهادتهم.


١ مباني تكملة المنهاج ج١ ص١٨٢-١٨٣.
٢ من الآية ١٣٥ من سورة النساء.
٣ الصفاق ج صفق: الجلد الأسفل دون الجلد الذي يسلخ، وثوب صفيق كثيف نسجه، والمراد أن غشاء البكارة لم يسلخ، المنجد مادة "صفيق".

<<  <   >  >>