للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الحدود، التي لا تقام إلا باليقين، وحتى من لم يثبتوا درء الحد بالشبهة من فقهاء الظاهرة، قد رأوا أن الحدود لا تثبت بالشبهة.

فما بال من أثبت درء الحد بالشبهة يقيم الحد بالشبهة، ولا يدرأه مع وجودهما؟.

٣ يشترط فقهاء الأحناف أن تكون الشهادة بالجناية الحدية عقب وقوع الجناية من الجاني، ولا يمر وقت فاصل بين وقوع الجناية، وآداء الشهادة بها يعد تقادمًا١.

وقد تقدم بيان هذا عند الحديث عن الإقرار.

أما جمهور الفقهاء، فإنهم لا يرون هذا الشرط، ويقبلون الشهادة بالحدود القديمة، ويحكمون بمقتضاها الحدية المقررة للجناية التي ارتكبها الجاني.

فقد جاء في المدونة: "قلت: أرأيت إن تقادمت السرقة، فشهدوا عليها بعد حين من الزمان، أيقطع في قول مالك أم لا؟ قال: نعم يقطع عند مالك، وأن تقادمت، قلت: وكذلك الحدود كلها، شرب الخمر والزنا؟ قال: نعم لا يبطل الحد في شيء مما ذكرت لك، وإن تقادم ذلك تطاول الزمان٢.

كما جاء عن فقهاء الشافعية أنه لا يشترط جباة الشهود، ولا حضورهم حالة الحكم، ولا قرب عهد الزنا، فتقبل الشهادة به، وأن تطاول الزمان٣.


١ تبين الحقائق ج٣ ص١٨٧، الإفصاح عن معاني الصحاح ج٢ ص٤١٩ فتح القدير ج٥ ص٢٧٩، البحر الرائق ج٥ ص٢٢.
٢ المدونة ج١٦ ص٦٧، ٦٨.
٣ مغني المحتاج ج٤ ص١٥١.

<<  <   >  >>