للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحناف، فقد استدلوا لما ذهبوا إليه من إسقاط الحد عن الأخرس، والمجنون بأن كلا منهما ربما تكون له شبهة تدرء عنه الحد، وليس في إمكانهما ذكرها لعلة كل منهما، فيقول السرخسي: ولا يؤخذ الأخرس بحد الزنا، ولا بشيء من الحدود.

وإن أقر بإشارة أو كتابة، أو شهدت به عليه الشهود، وعند الشافعي رحمة الله عليه تعالى يؤخذ بذلك؛ لأنه نفس مخاطبة فهو كالأعمى، أو أقطع اليدين أو الرجلين.. إلى أن يقول: وكذلك أن شهدت الشهود عليه بذلك؛ لأنه لو كان ناطقًا ربما يدعى شبهة تدرء الحد، وليس كل ما يكون في نفسه على إظهاره بالإشارة، فلو أقمنا عليه كان إقامة الحد مع تمكن الشبهة، ولا يوجد مثله في الأعمى، والأقطع لتمكنه من إظهاره دعوى الشبهة.

والذي يجن ويفيق في حال إقامته كغيره من الأصحاء، يلزمه الحد بالزنا في هذه الحالة سواء أقر به، أو شهد عليه الشهود١.

كما يقول ابن الهمام في حديثه عن إقرار الأخرس: لو أقر الأخرس بالزنا بكتابة، أو بإشارة لا يحد للشبهة بعد الصراحة، وكذا الشهادة عليه لا تقبل لاحتمال أن يدعي شبهة، كما لو شهدوا على مجنون أنه زنى في حال إفاقته، بخلاف الأعمى صح إقراره، والشهادة عليه٢.

هذا ما ذكره فقهاء الأحناف في إيجاب الحد على الأخرس بشهادة الشهود، وقد تقدم في الحديث عن إقرار الأخرس إن اختررت قبول إقراره في الحدود، والحكم بعقوباتها إن كان قادرًا على الكتابة، وسأله الإمام عن كل ما يمكن أن يكون من شبهة مسقطة للحد عنه بأن كتب


١ المبسوط ج٩ ص٩٨.
٢ فتح القدير ج٥ ص٢١٨.

<<  <   >  >>