للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر هذا ابن قدامة عند حديثه عن وجوب الحد على الأخرس بإقراره، أو بالبينة فقال: ولا يجب بالبينة لاحتمال أن يكون له شبهة، ويحتمل كلام الخرقي أن لا يجب الحد بإقراره؛ لأنه غير صحيح؛ ولأن الحد لا يجب مع الشبهة، والإشارة لا تنتفي معها الشبهات، فأما البينة فيجب عليه بها الحد؛ لأن قوله معها غير معتبر١، وجملة القول أن الإمام الشافعي يرى إلزام الأخرس بما قامت البينة به من الجنايات الحدية قياسًا للأخرس بالأعمى، والأقطع.

أما الخرقي فإنه يرى أن البينة التي تقوم بحد من الحدود لا عبرة بما يقال من المشهود في دفع الحد عن نفسه، فقيام البينة يدفع قول المتهم، ويلزمه الحد.

وما ذهب إليه الإمام الشافعي من قياس الأخرس بالأعمى، والأقطع قياس غير منضبط إذ أن الأعمى، والأقطع بإمكان كل منهما أن يرد الحد عن نفسه، إذا كانت له حجة، أو شبهة لوجود آلة الكلام صحيحة لديهما، وإمكان سؤالهما ومراجعتهما، وذلك هو طريق الدفع عن النفس، وذكر الشبهة أن وجدت. والأخرس فاقد لذلك، وعاجز عن بيان حقيقة فعله وملابسته.

ثم إن قول الخرقي: أن قول المشهود عليه لا عبرة له مع البينة قول بحاجة إلى بيان؛ لأن المشهود عليه يجوز أن يكون له ما يدفع عنه العقوبة، وقد خفي هذا عن المشهود، فهلا إذا ذكره وبينه لا يلتفت إليه؟

إن فيما سبق من كلام فقهاء الحنابلة في الشبهة ما يرد قول الخرقي، وينفيه ويؤكد أن للمشهود عليه أن يقول ما شاء مما يدفع عنه العقوبة، وأن على القاضي أن يسمع له، وينظر في مقالته، أما فقهاء


١ المغني ج٨ ص١٩٦.

<<  <   >  >>