للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"شروط لا بد من توافره، فيمن يشهد عليه بحد من الحدود":

ما سبق من شروط كان موضوعها الشاهد والشهادة، أما هذا الشرط، فإنه خاص بالمشهود عليه.

وقد ذهب فقهاء الأحناف إلى أنه لا بد لإثبات الحد بشهادة الشهود أن يكون المشهود عليه قادرًا على الدفاع عنه نفسه، مستطيعًا ذكر ما قد يكون له من الأدلة التي تنفي عنه، أو تسقط عقوبتها، أو تغايرها من عقوبة حدية إلى غيرها.

فإن كان عاجزًا عن الدفاع عن نفسه بسبب علة من العلل، كأن أصيب بجنون مثلًا، أو كان أخرس فإنه حينئذ يصبح عاجزًا عن ذكر ما يدرأ عنه العقوبة، وعليه فإنه إن كان مجنونا، وجب الانتظار حتى يفيق، ويسأل عما شهد به الشهود عليه.

فإن استمر جنونه حتى مات، سقط عنه الحد بموته، أما الأخرس فإنه لا يلزمه حد بشهادة الشهود عليه لجواز أن له ما لو ذكره لدرئ عنه الحد، ولكنه -بسبب علته هذه لا يستطيع ذكر ذلك.

أما الإمام الشافعي، فإنه لا يرى ذلك بالنسبة للأخرس، وقاسه بالأعمى، أو بقاطع اليدين، أو الرجلين، فجعل علته كعلتهما، وألزمه الحد بشهادة الشهود مع علته مثلهم، واحتمل كلام الخرقي١، ما ذكره الشافعي من إلزام الأخرس بشهادة الشهود عليه به، لكنه علل هذا بأن قول المشهود عليه معتبر مع قيام البينة عليه بجناية من الجنايات.


١ الخرقي: هو أبو القاسم عمر بن حسين بن عبد الله، أحمد الخرقي فقيه حنبلي، من أهل بغداد له تصانيف منها المختصر في الفقه، توفيى بدمشق سنة ٣٣٤هـ.

<<  <   >  >>