للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد اشترط فقهاء الأحناف لإثبات الجريمة المتعلقة بحق الله سبحانه وتعالى عن طريق الإقرار، أن يكون إقراره بعد الشهود الذين حدد الشارع عددهم لإثبات الجناية الحدية.

فقد نقل عنهم: فلما أوجب سبحانه في الشهادة على الزنا أربعة على خلاف المعتاد في غيره، فكذا يعتبر في إقراره، إنزالًا لكل إقرار منزلة شهادة واحدة، ولو لم يكن ذلك لكان القياس يقتضيه١.

وقولهم: "إن كل ما يسقط بالرجوع عن الإقرار، فعدد الإقرار فيه كعدد الشهود٢، وفقهاء الأحناف لم يشترطوا ذلك في الإقرار بحق العبد"٣.

وما ذهب إليه فقهاء الأحناف هنا لم يتشرطه الإمام مالك، والإمام الشافعي سواء أكنت الجناية قد وقعت على حق خالص لله سبحانه وتعالى، أم على حق شاركه فيه العبد٤.

كما أن الإمام الشافعي قد أجاز إثبات جناية القذف بنكول القاذف عن اليمين، وألزمه العقوبة الحدية بنكوله٥.


١ فتح القدير ج٥ ص٢٢١ ط الحلبي.
٢ بدائع "الصنائع للكاساني ج٤ ص٥٠.
٣ يقول الكاساني: وأما العدد في الإقرار بالقذف، فليس بشرط بالإجماع البدائع ج٧ ص٥٦.
٤ يقول ابن رشد: "أما عدد الإقرار الذي يجب به الحد، فإن مالكًا والشافعي يقولان يكفي في وجوب الحد اعترافه به مرة واحدة، وبه قال داود، وأبو ثور الطبري وجماعة، بداية المجتهد ج٢ ص٤٧٣ مغني المحتاج ج٤ ص١٥٠.
٥ حكى ذلك الشيخ أبو زهرة في كتابه الجريمة ص٧٥ مستدلًا عليه بروايات أوردها عن الكاساني، يرجع إلى تفصيل القول في الحكم بالنكول إلى كتاب القضاء في الإسلام للأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور، فقد فصل القول في ذلك ص٨٩، ٩٠.

<<  <   >  >>