للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس بمال أصلًا، والعقد بدون محله لا ينعقد أصلًا، فإذا لم ينعقد به كان هو والإذن سواء، ولو زنى بها بإذنها يلزمه الحد.

وذهب ابن حزم إلى أن جرم المستأجرة للزنى، ومن استأجرها، وزنى بها أعظم من جرم من زنى بامرأة لم يستأجرها لذلك، فقال: "وحد الزنى وجب على المستأجر والمستأجرة، بل جرمهما أعظم من جرم الزاني، والزانية بغير استئجار؛ لأن المستأجر والمستأجرة زنيا كما زنى غير المستأجر ولا فرق، وزاد المستأجر والمستأجرة على سائر الزنى حراما آخر -وهو أكل المال بالباطل"٢، وما ذهب إليه الجمهور أولى، ولا يجوز القول بأن ما أخذته المستأجرة من مال يماثل ما تأخذه من مهر في النكاح الصحيح بجامع أن المهر، والأجرة يتقاربان؛ لأن الله سبحانه وتعالى أطلق على المهر أجرًا، في قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ٣؛ لأن الفرق بينهما واضح أحل الله الزواج، وأوجب المهر فيه وحرم الزنا، ولو كان على مال.

والمهر أجر مشروع في ظل نكاح حلال أباحه الله، ورغب فيه وحض عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بينما الزنا حرمه الله، ونهى عنه وبغض فيه، وحدد له عقوبة من العقبات -الشديدة الرادعة.

وأما الاستدلال بما روي عن عمر -رضي الله تعالى عنه، فهو استدلال بما لا دليل فيه؛ لأنه لم يذكر ما فعل عمر بالرجل،


١ المرجعان السابقان، المهذب ج٢ ص٢٦٨، مغني المحتاج ج٤ ص١٤٦، الخرشي ج٨ ص٨٧ المغني ج٨ ص١٨٧.
٢ المحلى ج١٣ ص٢٢٥.
٣ من الآية ٢٤ من سورة النساء.

<<  <   >  >>