للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا أيضًا بما أخرجه مسلم، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت: "أنه -صلى الله عليه وسلم- رجم امرأة من جهينة، ولم تقر إلا مرة واحدة".

ومثل هذا كثير: "مما ذكره الشوكاني من المأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الأجلاء".

وأما استدلال القائلين بأن يكون الإقرار أربع مرات قياسًا على شهادة الزنا؛ لأنها لا يعتبر فيها إلا أربعة شهود، استدلال لا تقوم به حجة؛ لأنه يلزم منه أن يعتر في الإقرار بالأموال، والحقوق أن يكون مرتين؛ لأن الشهادة في ذلك لا بد وأن تكون من رجلين، ولا يكفي فيها الرجل الواحد، واللازم باطل بإجماع المسلمين، فالملزوم مثله"١.

كما أن الشهادة إذا ثبتت بها الجريمة لم يعد في مقدور المشهود عليه دفع العقوبة عن نفسه بفعل، أو قول لا يرجع فيه إلى الشهود، أما في الإقرار، فإنه باستطاعة المقر أن يدفع الحد عن نفسه بالرجوع عن إقراره، ولو كان في أثناء تنفيذ الحد عليه.

وما ذهب إليه الأحناف والحنابلة، ومن وافقهم ما هو إلا من باب الاحتياط في الإثبات، أو قياسًا منهم للإقرار على الشهادة، وإعمالًا منهم لمبدأ الحد بالشبهة، أن من جاء طالبًا تطهير نفسه لن يثنيه عن ذلك مراجعة، وتعدد إقرار، ومن حاول تبرئة نفسه لن يعجزه ادعاء.


١ مغني المحتاج ج٤ ص١٥٠، أسنى المطالب ج٤ ص١٣١، نيل الأوطار ج٧ ص١٠٦-١١١، الخرشي ج٨ ص٨٠، حاشية الدسوقي ج٤ ص٣١٨، مباني تكملة المنهاج ج١ ص١٧٥، ويراجع المغني ج٨ ص١٩١-١٩٣، فتح القدير ج٥ ص٢١٨-٢٢٢.

<<  <   >  >>