للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلالها بدعواه للقاضي لم يتقدم بها، مع عدم وجود مانع يمنعه١.

والفقهاء قد فرقوا حينئذ بين أن قيام الدعوى حسبة، أو من المجني عليه، ويتم إثباتها عن طريق البينة، وبين أن يكون الجاني هو الذي أتى مقرًا بجنايته رافعًا أمره للقاضي طالبًا تطهير نفسه.

وقد رأي الفقهاء عدا ابن أبي ليلى أن التقادم لا يؤثر إذا جاء الجاني مقرًا على نفسه بجنايته؛ لأنه والحالة هذه يسند لنفسه ما يلزمه العقوبة الحدية التي قد يترتب عليها القضاء عليه، ومثل من يقدم على ذلك لا يتصور منه الكذب على نفسه.

هذا بالنسبة للإقرار بالجرائم الحدية المتقادمة عدا جريمة شرب الخمر، إذ إن الإمام أبو حنيفة، وصاحبه أبو يوسف قد رأيا أن


١ يرى الإمام أبو حنيفة أن تحديد المدة التي يعد مرورها تقادمًا أمر متروك لرأي القاضي في كل عصر يقدره، حسبما تقتضي الوقائع والأحوال؛ لأن ما يعد تقادمًا في وقعة معينة ببلد معين قد لا يعد تقادمًا في بلد آخر بالنسبة لنفس الواقعة إذا اتحدت ظروفهما، أو اختلف وكذا إذا تغايرت الوقائع، والأمر في رأيي يحتاج إلى قواعد ثابتة حتى ولو اختلفت في بلد عن آخر، حتى لا يصبح الأمر عرضة، لأن يتلاعب فيه تحت ضغط حاكم، أو صاحب سلطة، وقد نقل عن أبي يوسف أن المدة المعتبرة تقادمًا في رأيه شهر، ويرى محمد أنها ستة أشهر، أو مفوضة إلى رأي القاضي، فتح القدير ج٥ ص٢٨٢، ٣٠٣ البحر الرائق ج٥ ص٢٩.

<<  <   >  >>