للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإقرار بها متقادمة لا يترتب عليه إلزام المقر بها عقوبتها الحدية١.

ومن الفقهاء من يرى أن الحدود جميعها تسقط بالتقادم، فلا تقام عقوبتها المقدرة على الجاني سواء أجاء مقرًا بجنايته المتقادمة، أم أقيمت عليه الدعوى، وتم إثباتها بالبينة.

وأساس ذلك القول عند من يراه: أن الهدف من إقامة الحدود هو الردع، والزجر للجاني وغيره، وذلك -في رأي من قال بهذا القول- لن يتحقق إلا إذا أقيمت العقوبة الحدية فور وقع الجريمة الموجهة لها.

كما أن التأخير -في رأيهم- قد يتأتى معه توبة الجاني، وإقراره بجنايته بعد فوات مدة تعد تقادما عليها، ما هو إلا دليل على توبته، وطلبه التطهير من كل ما علق به، حتى وإن كانت نتائجه إزهاق روحه.

وعقاب من أصحاب هذه حالة عقاب لنفس ثابت، وأنابت وعادت إلى رشدها، وأتبعت طريق ربها وهديه٢.


١ وقولهما هذا أخذا بما قاله ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- ولم يوافقه فيه حد من بقية الصحابة رضوان الله عليهم أجميعن، إذ أنه يرى أنه يشترط أن يؤتى بالشارب، وأثر الخمر ما زال قائمًا، أو أن يقر بجنايته وأثرها ما زال موجودًا.
فتح القدير ج٥ ص٢١٦-٢٢٢، ص ٢٧٩ وما بعدها، ص٣٠٢-٣٠٤ البحر الرائق ج٥ ص٢٢، ٢٩، ج٨ ص٢٠٧.
٢ فتح القدير ج٥ ص٢٧٩ ط مصطفى الحلبي.

<<  <   >  >>