للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأن حرز كل شيء ما يليق به، فحرز الدواب بالاصطبل، والثياب بما أعد لها من حقائب أو ما ماثلها، ولو وضع الشيء في غير حرزه، وسرق لم يجب به قطع لكن الكفن في حرزه، ويتساءل المثبتون للحرز فيقولون: ألا ترى أن الوصي إذا كفن صبيًا من ماله لا يضمن لورثته شيئًا، فلو لم يكن محرزًا، كان تضييعًا موجبًا للضمان، فكان أخذا الكفن من القبر عين السرقة١.

أما ما ذكر من شبهة أنه لا مالك للكفن، فهو قول مردود؛ لأن الكفن مملوك للميت؛ لأنه كان مالكًا له في حياته، ولا يزول مالكه إلا عما لا حاجة به إليه ووليه يقوم مقامه في المطالبة، كقيام ولي الصبي في الطلب بماله٢.

كما أن ما ذكره الإمام أبو حنيفة من شبهة عدم مالية الكفن، بدليل أنه لا تجري فيه الرغبة والضنة، وأنه ينفر عنه كل من علم أنه كفن ميت، إلا نادرًا من الناس، فهذه الشبهة ترد بأن من يسرق الكفن، يمكن أن يبيعه لمن لا يعلم حقيقته، وبذا يكون قد استعاض عنه بمال، ومن الأكفان ما يتعالى فيه، فيختار من نوع غال من القماش وهكذا، كما أنه إذا رغب فيه بعض الناس مع علمهم بحقيقة، أصبح للكفن قيمة مالية عندهم.

وما ذهب إليه من أن الحد شرع للانزجار، وأما ما يندر فلا يشرع فيه، أو وقوعه في غير محل الحاجة؛ لأن الانزجار حاصل طبعًا.


١ فتح القدير ج٥ ص٣٧٦، المبسوط ج٩ ص١٦٠-١٦١.
٢ المغني ج٨ ص٢٧٢، المهذب ج٢ ص٢٧٨، ويراجع أصول الفقه الإسلامي للأستاذ الدكتور زكريا البري ص٢٣٧.

<<  <   >  >>