أما ابن حزم، فقد ذهب إلى أن من سرق من شيء له فيه نصيب، فإن كان نصيبه هو ما أخذه فقط، فلا قطع عليه.
أما إن أخذ نصيبه وزيادة، فإن كانت الزيادة مما يجب القطع في مثلها قطع، ولا بد، إلا أن يكون منع حقه في ذلك، أو احتاج إليه، فلم يصل إلى أخذ حقه إلا بما فعل، ولا قدر على أخذ حقه خالصًا، فلا قطع إذا عرف ذلك، وإنما عليه أن يرد الزائد على حقه فقط؛ لأنه مضطر إلى ما أخذ، إذا لم يقدر على تخليصه١.
والذي أرجحه من ذلك ما ذهب إليه الجمهور من القول بعدم قطع من سرق مالًا له فيه شركة، أو حق حتى وإن زاد ما أخذه على ماله في هذه الشركة من حق بمقدار النصاب وزيادة، وسواء أكان مثليًا أم منقولًا؛ لأن وجود حق السارق في المال يبيح له اتصال بهذا المال، فيصبح المال غير محرز بالنسبة له.
كما أنه تقوم في حقه شبهة ملكه لبعض المسروق، وهي وحدها تكفي لدرء العقوبة الحدية عنه.
والتفريق بين المثلى والمنقول تفرقة لا يقوم عليها دليل، حتى عند من أخذ بها.
ويكفي لرد رأي من قال بالقطع، ما روي من أن عاملًا لعمر -رضي الله تعالى عنه، كتب يسأله عمن سرق من مال بيت المال.