للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى الشعبي١ أن رجلًا سرق من بيت المال، فبلغ عليًا كرم الله وجهه، فقال: إن له فيه سهمًا ولم يقطعه٢.

فإذا كان السارق من بيت المال لم يقطع؛ لأن له فيه سهمًا، وهذا السهم غير معلوم المقدار، ولا مخصص بكونه مثليًا بالنسبة لما سرق أو قيميا، ومع ذلك درء الحد عنه لوجود هذا السهم له، فمن باب أولى يدرأ الحد عمن سرق مالًا له فيه شركة، وحق ونصيب.

هذا بالإضافة إلى أن مال بيت المال حرزه قائم بالنسبة لمن سرق منه، أما مال شركة السارق، فالحرز حتى وإن كان موجودًا، إلا أنه لا يقوم بالنسبة له، لجواز دخوله على هذا المال في أي وقت، سواء للاطمئنان عليه، أو لرعايته أو لمراجعته، وما إلى ذلك.

فإذا كانت سرقته المحرز لا يقطع بها أن كان للسارق فيما سرقه حق، فما بالنا بسرقته غير المحرز عنه، مما له فيه شركة ونصيب.

ويرى فقهاء القانون أن السرقة جريمة من جرائم الاعتداء على المال بقصد تملكه، فلا يتصور إذن حصولها من مالك، ونبغي على هذا أن من يختلس ماله لا يكون سارقًا، ولو كان سيئ القصد معتقدًا وقت الاختلاس أن المال يملكه غيره، وتسري هذه القاعدة، حتى ولو كان للغير حقوق على الشيء المختلس نجلعه أولى بالحيازة من مالكه.

غير أن القانون الإنجليزي قد توسع، فأخذ بعموم قاعدة أنه يعد سارقًا كل من يختلس من آخر شيئًا، لا يكون المختلس أحق بحيازته ممن اختلسه منه، ولو كان المختلس مالكًا للشيء، ولو بطريق الاشتراك مع


١ عامر بن شراحبيل ولد بالكوفة، كان يكره الرأي، سمع عليه أبو حنيفة الحديث ت ١٠٥.
٢ المهذب ج٢ ص٢٨١.

<<  <   >  >>