الدخول في الحرز حتى يعد كل منهما بمنزلة الآخر، ولذا منعت شهادته له شرعًا. ويخص سرقة الأب من مال الابن قوله عليه الصلاة والسلام:"أنت ومالك لأبيك".
وأما غير الولادة، فألحقهم الشافعي رحمه الله بالقرابة البعيدة، ونحن ألحقناهم بقرابة الولاد، وقد رأينا الشرع ألحقهم بهم في إثبات الحرمة، وافتراض الوصل، فلذا ألحقناهم بهم في عدم القطع بالسرقة، ووجوب النفقة.
ولأن الإذن بين هؤلاء ثابت عادة للزيارة، وصلة الرحم، ولذا حل النظر منها إلى موضع الزينة الظاهرة والباطنة، وما ذاك إلا للزوم الحرج لو وجب سترها عنه مع كثرة الدخول عليها، وهي مزاولة الأعمال، وعدم احتشام أحدهما من الآخر.
ومما يدل على نقصان الحرز فيها قوله تعالى:{وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} .
ورجع الجناح عن الأكل من بيوت الأعمام، أو العمات مطلقًا يؤنس طلاق الدخول، ولو سلم فإطلاق الأكل مطلقًا يمنع قطع القريب، ثم هو أن ترك لقيام دليل المنع بقيت شبهة الإباحة على أوزان ما قلنا في:"أنت ومالك لأبيك".
فإن قلت: فقد قال: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} ، كما قال:{أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ} ، والحال انه يقطع بالسرقة من صديقه، أجيب بأنه لما قصد سرقة ماله فقد عاداه، فلم يقع الأخذ إلا في حال العداوة.