للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو سرق من بيت ذي الرحم المحرم متاع غيره لا يقطع، ولو سرق مال ذي الرحم المحرم من بيت غيره، يقطع اعتبار للحرز وعدمه١.

وذهب ابن حزم إلى وجوب القطع على السارق مطلقًا، سواء أسرق من غريب عنه، أم من ذي رحم محرم، أو من والده أو من ولده، أخذا بظاهر آية السرقة التي أوجبت القطع على كل من سرق، إذا اكتملت فيه شروط القطع، سواء أكان بينه وبين المسروق منه صلة قرابة محرمية أم لا.

ورد على ما استدل به الجمهور فيما سبق، فقال: فأما الآية فحق، ولا دليل فيها على ما ذكروا، بل هي حجة عليهم، وقد كذبوا فيها أيضًا، أما كونها لا دليل فيها على ما ادعوه، فإنه ليس فيها إسقاط القطع على من سرق من هؤلاء لا بنص ولا بدليل، وإنما فيها إباحة الأكل لا إباحة الأخذ بلا خلاف من أحد من الأمه.

فإن قالو: قسنا الأخذ على الأكل قلنا لهم: القياس كله باطل، وأما قولهم: "إن إباحه الله تعالى الأكل من بيوت هؤلاء، يقتضي إباحة دخول منازلهم بغير إذنهم"، فليت شعري أين وجدوا هذا في هذه الآية أو في غيرها، فيدخل الصديق منزل صديقه بغير إذنه، هذا عجب من العجب، أما سمعوا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ} ٢.


١ فتح القدير ج٥ ص٣٨١، المبسوط ج٩ ص١٥١-١٥٢، البحر الرائق ج٥ ص٦٢-٦٣، مباني تكملة المنهاج ج١ ص٢٨٥-٢٩٠، شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٥، حاشية الدسوقي ج٤ ص٣٣٧ المذهب ج٢ ص٢٨١، المغني ج٨ ص٢٧٦.
٢ من الآيتين ٥٨-٥٩ من سورة النور.

<<  <   >  >>