منكم.. إلى قوله تعالى:{فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ، فنص الله تعالى على أنه لا يدخل بالغ أصلًا على أحد إلا بإذن، ودخل في ذلك الأب والابن وغيرهما، حاشا ما ملكت أيماننا، والأطفال، فإنهم لا يستأذنون إلا في هذه الأوقات الثلاثة فقط.
وأما قول الرسول -صلى الله عليه وسلم:"أنت ومالك لأبيك"، فقد أوضحنا أن ذلك حبر منسوخ قد صح نسخه بآيات المواريث، فإن قالوا: إن الوالدين حقًا في مال الولد؛ لأنهما إذا احتاجا أجبر على أن ينفق عليهما، فلا يقطع الأب أو الأم فيما سرقا من ابنهما، فهذا تمويه ظاهر، ولم يخالفهم أحد في أن الوالدين إذا احتاجا، فأخذا من مال ولدهما حاجتهما، باختفاء أو بقهر، أو كيف أخذا، فلا شيء عليهما، فإنما أخذ حقهما، وإنما الكلام فيهما إذا أخذا مالًا حاجة بهما إليه، أما سرا وإما جهرًا، فاحتجاجهم بما ليس من مسألتهم تمويه، كما أنهم لا يختلفون فيمن كان له حق عند أحد، فأخذ من ماله مقدار حقه، فإنه لا يقطع ولايقضي عليه برده، فلو كان وجوب الحق للأبوين في مال الولد إذا احتاجا إليه مسقطًا للقطع عنهما، إذا سرقا من ماله مالًا يحتاجان إليه، ولا حق لهما فيه، لوجب ضرورة أن يسقط القطع عن الغريم، الذي له الحق في مال غريمه، إذا سرق منه مالًا حق له فيه، وهذلًا مالًا يقولونه، فبطل ما موهوا به من ذلك١.
وما ذكره ابن حزم لا يخلو مما يرد عليه، إذ لم يقل أحد أن الآية أباحت السرقة، لكنها أباحت الأكل، وإباحة الأكل بترتب عليها وجود شبهة حق لمن أبيح له، في المال المباح الأكل منه، وشبهة الحق هذه تدرأ العقوبة الحدية، كما سبق الإشارة إلى ذلك،