للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يخفى أن ابن حزم لا يعمل الشبهات في درء الحدود، وقد سبق الرد عليه أيضًا,

وإباحة الأكل أيضًا لم يقل أحد بأنها تبيح الأخذ، وإنما تدرأ الحد فقط مع بقاء العقوبة التعزيرية، ووجوب رد المال، ولم يقال أحد أيضًا أن إباحة الأكل يترتب عليها إباحة دخول المنازل بغير إذن، وإنما يترتب عليها انتفاء حرز المال بالنسبة لمن أبيح له الأكل منه.

كما أن الآية التي تحدثت عن تحديد أوقات الدخول بالنسبة لما ملكت أيماننا وأطفالنا، فالدخول هنا مقصود به دخول مكان النوم، الذي قد يتخفف الإنسان فيه من ملابسه، أو تنكشف فيه عورته، بدليل أن الله سبحانه وتعالى قال: {ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} ١.

وأما قول ابن حزم أن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم:

"أنت ومالك لأبيك"، قد نسخ بآيات المواريث، فقول مردود؛ لأنه لا تعارض بين ما يدل عليه الحديث وآيات المواريث؛ لأن هذا الحديث لم يسبق في معرض بيان نصيب الأب في مال ولده، أما محاولة استدلال ابن حزم على وجوب القطع على الوالدين، إذا أخذوا من مال ابنهما خفية ما يجب القطع به، قياسًا لهما بمن كان له حق عند آخر، فأخذ من غريمه أكثر من حقه، فقول مردود؛ لأنه قد جاء في أقوال الفقهاء، فيما مضى التفريق بين حالتين من الحالات التي يأخذ الغريم فيما ما زاد عن حقه، إذ أنهم قد أسقطوا الحد عن الغريم


١ من الآية ٥٨ من سورة النور.

<<  <   >  >>