للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي لم يستطع الوصول إلى حقه، إلا بأخذ ما زاد عنه معه١.

ولا يخفى أن التسوية بين الوالدين، ولا بين الغريم تسوية غير مقبولة؛ لأن ما أخذه الوالدان قليل من كثير، إذا ما قيس بما أعطياه لابنهما، كما أن الابن إذا رأى آثار هذا المال على والديه، فلن يوغر صدره مثلمًا يراه على غريم.

أما فقهاء القانون الوضعي، فإنهم قد اعتبروا سرقة الفروع من أصولهم، أو الأصول من فروعهم، وكذا الأزواج، سرقة تختلف عن غيرها من السرقات، كل ذلك من باب المحافظة على الأسرة، وعلاقاتها.

فتنص المادة ٣١٢ من قانون العقوبات على أنه: لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضرارا بزوجه، أو زوجته، أو أصوله أو فروعه الأبناء على طلب المجني عليه، والمجني عليه أن يتناول عن دعواه بذاك في أية حالة كانت عليها الدعوى، كما له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي عن الجاني في أي وقت شاء.

وهذه المادة جاءت بدلًا من مادة أخرى، كانت تقضي بأنه لا يحكم بعقوبة ما على من يرتكب سرقة إضرارًا بزوجه، أو زوجته أو أصوله، أو فروعه.


١ من هؤلاء الفقهاء الأحناف، ويراجع في ذلك المبسوط ج٩ ص١٧٨، فتح القدير ج٥ ص٣٧٧، بل وقد قرر ذلك ابن حزم نفسه، حين تحدث عمن سرق ما يزيد على حقه، فقال: إلا أن يكون منع حقه، أو احتاج إليه فلم يصل إلى
أخذ حقه إلا بما فعل، ولا قدر على أخذ حقه خالصًا، فلا يقطع إذا عرف ذلك، وإنما عليه أن يرد الزائد على حقه فقط؛ لأنه مضطر إلى أخذ ما أخذ إذا لم يقدر على تلخيص مقدار حقه، والله تعالى يقول: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} ٦: ١١٩.
يراجع في ذلك المحلى ج١٣ ص٣٥٥.

<<  <   >  >>