للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبنوا رأيهم هذا على أساس اشتراط النصاب لوجوب القطع، فما دام لم يبلغ نصيب كل سارق نصابًا، فلم يعد هناك ما يقضي قطعه؛ لأنه لا نص في ذلك ولا هو في معنى المنصوص عليه لاختلاف قيمة ما يجب به الحد.

وذلك كله يترتب عليه شبهة في إلزام العقوبة، والحد مما يدرأ بالشبهات، بين هذا ابن قدامة عند حديثه عن السراق، الذين اشتركوا في إحراج المسروق، فقال: "قال الثوري١، وأبو حنيفة، والشافعي، وإسحاق": لا قطع عليهم إلا أن تبلغ حصه كل واحد منهم نصابًا؛ لأن كل واحد لم يسرق نصابًا، فلم يجب عليه القطع، كما لو انفرد بدون النصاب، "ويعلق ابن قدامة على هذا بقوله": وهذا القول أحب إلي؛ لأن القطع هنا لا نص فيه، ولا هو في معنى المنصوص والمجمع عليه، فلا يجب، والاحتياط بإسقاطه أولى من الاحتياط بإيجابه؛ لأنه مما يدرأ بالشبهات٢.

وزاد الشيرازي المسألة تفصيلًا، فقال:

"وإنة نقب اثنان حرزًا وسرقا نصابين قطعا؛ لأن كل واحد منهما سرق نصابًا، وإن أخرج أحدهما نصابين، ولم يخرج الآخر شيئًا قطع الذي أخرج دون الآخر؛ لأنه هو الذي انفرد بالسرقة، فإن اشتركا في نصاب لم يقطع واحد منهما٣.

ولا يخفى أن أبا حنيفة قد قيد قطعهم، إذا كان نصيب كل


١ سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، مات بالبصرة متواريًا من السلطان سنة ١٦١هـ.
٢ المغني ج٨ ص٢٨٢.
٣ المهذب ج٢ ص٢٧٧.

<<  <   >  >>