للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحاربة في العادة هكذا تكون، فإنهم لو اشتغلوا جميعًا بالقتال، فإذا وقعت الهزيمة عليهم لا تستقر قدمهم، وإذا كان بعضهم ردءا، فإذا وقعت الهزيمة على المباشرين للحرب التجئوا إلى الردء، فلهذا كانت العقوبة عليهم، بخلاف السرقة، فالحد هنا إنما يجب بمباشرة فعل السرقة، وذلك في إخراج المال من الحرز، فإذا كان المخرج بحكم فعله، لم يجب القطع على غيره.

وهذا التعليل من القائلين بالقطع على من أخرج المال من الحرز فقط، وإن كانت له وجاهته، إلا أنه يترتب عليه ضياع الحقوق؛ لأن السراق لن يعدموا حيلة يحاولون بها الهروب من القطع، ولا يخفى أن بعض الفقهاء مثل الشيعة والحنابلة، وغيرهم يرون أنه لو هتك شخص الحرز، وأخذ المال شخص آخر فلا قطع عليهما١، وفي هذا حض على اللجوء إلى الحيلة تحاشيًا للحد.

ج- إذا شارك في إخراج المسروق من لا يجب عليه الحد:

الذي لا يجب عليه الحد بالسرقة، أما أن يكون غير مكلف كالصبي والمجنون، وأما أن يكون مكلفًا كالأب، والأم والجد.

وفقهاء الأحناف قد رأوا أنه إذا شارك في السرقة من لا يلزمه الحد بها، فلا قطع على باقي المشاركين له فيها؛ لأن عدم وجوب القطع على أحد الشركاء، تنتج عنه شبهة في حق الباقين، ويترتب على هذه الشبهة درء الحد عنهم.


١ مباني تكملة المنهاج ج١ ص٢٨٦، المغني ج٨ ص٢٨٤، ويراجع في الموضوع
المهذب ج٢ ص٢٧٧، الخرشي ج٨ ص٩٥، فتح القدير ج٥ ص٣٩٠.

<<  <   >  >>