للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول السرخسي:

"وإذا سرق رجلان ثوبًا من رجل، وأحدهم أب للمسروق منه لم يقطع واحد منهما"، أما الأب فلتأول له في مال والده بظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم. "أنت ومالك لأبيك"؛ ولأنه قد يدخل بيته من غير استئذان عادة، فلا يكون بيته حرزًا في حقه، والسرقة فعل من السارق، فإذا امتنع القطع على أحدهما للشبهة، يمتنع وجوبه على الآخر للشركة، وهو نظير ما قلنا في الأب، والأجنبي إذا اشتركا في قتل الولد، لم يجب القصاص على واحد منهما١.

هذا إذا كان الشريك أبا للمسروق منه ومن في حكمه، أما إذا كان الشريك صبيًا، فقد ذهب أبو يوسف إلى أنه إذا حمل البالغ المتاع، وخرج به فعليه القطع، ولا معتبر بفعل الصبي، وعلل رأيه بأن درء القطع لهذا يتطرق السراق به إلى إسقاط القطع؛ لأن كل سارق لا يعجز عن أن يستصحب صبيًا، أو معتوهًا مع نفسه.

كما ذهب فقهاء الأحناف أيضًا إلى أنه إذا كان واحد من السراق أخرسًا، فلا قطع، لتمكن الشبهة في حق الأخرس؛ لأنه لو كان ناطقًا ربما يدعي شبهة يدرأ عبها الحد عن نفسه، وأما الناطق فلأجل المشاركة٢.

وذكر ابن قدامة أنه إذا كان أحد الشريكين في السرقة، من لا قطع عليه كأبي المسروق منه قطع شريكه في أحد الوجهين، لو شاركه في قطع يد ابنه.

والثاني: لا يقطع وهو أصح؛ لأن سرقتهما جميعًا صارت علة


١ المبسوط ج٩ ص١٥١، ١٥٢، فتح القدير ج٥ ص٣٦٣.
٢ المبسوط ج٩ ص١٨٩.

<<  <   >  >>