للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقادم بين الشريعة والقانون:

تمثل الفروق الجوهرية بين مقالة فقهاء الشريعة، ورجال القانون في التقادم، وما له من أثر، فيما يأتي:

أولًا: من حيث المادة المعتبرة تقادمًا:

وضح مما سبق عرضه أن من الفقهاء من حدد مدة معينة للتقادم تصل في أقصاها إلى ستة أشهر، وقد ذهب الإمام أبو حنيفة، ومن رافقه إلى أن تحديد المدة المعتبرة تقادمًا أمر متروك للقاضي، أو لولي الأمر بقدراته حسبما تقتضي الوقائع والأحوال١.

أما رجال القانون، فقد حددوا المدة المعتبرة تقادمًا سواء أكان ذلك بالنسبة لانقضاءالدعوى، أم بالنسبة لإسقاط العقوبة تحديدًا وضح منه مدى القارق الزمني ما حدده بعض الفقهاء، وما حدده القانون٢.

وإن كان الإمام أبو حنيفة، ومن وافقه قد ترك الأمر في التحديد لولي الأمر، أو القاضي ولم ينص على مدة معينة.

وما ذهب إليه أبو حنيفة له وجاهته، إذ أنه قد عالج الأمر علاجًا مناسبًا لاحظ فيه الوقائع والأشخاص.

ورجال القانون وإن لاحظوا فيما حددوه اختلاف المدة المعتبرة تقادمًا باختلاف التكييف القانوني للواقعة، إلا أنهم قد ساووا بين الأشخاص والبلاد، ولم يراعوا اختلاف الطبائع والعادات، ويبين


١ فتح القدير ج٥ ص٢٨٢، ٣٠٣ البحر الرائق ج٥ ص٢٩.
٢ شرح قانون العقوبات القسم العام أ. د. محمود مصطفى ص٦٧٢-٦٧٥ ط سنة ١٩٧٤م.

<<  <   >  >>