للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما سبق أيضًا أن فقهاء الشريعة لم يفرقوا بين المدة المعتبرة تقادمًا مسقطًا لإقامة الدعوى، وما يعد مسقطًا للعقوبة الحدية المحكوم بها، إلا ما جاء خاصًا بجناية شرب الخمر كما سبق.

أما رجال القانون، فإنهم قد فرقوا بين ما يعد تقادما مؤثرًا في إسقاط الدعوى، وبين ما يعد تقادمًا مؤثرا في إسقاط العقوبة المحكموم بها، بل غرقوا أيضا فيما يؤثر في الحالين باعتبار الكيف القانوني للواقعة والعقوبة؟

وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة نظر، وتقنين يناسب كل واقعة، وظروفها بشرط أن

يوكل ذلك لذويه، وأن يباعد بينه وبين الرغبات التي قد تخرجه عن إطار تحري العدالة.

ثانيًا: باعتبار ما وقع عليه السلوك الإجرامي

وضح مما سبق أن الجرائم الحدية التي وقع الاعتداء فيها على حق من حقوق العباد لا تتأثر بالتقادم، سواء من حيث سماع الدعوى، أو من حيث إلزام الجاني بما حكم به من عقوبة حدية، وإن تقادم الحكم لا يؤثر ما دام لم يوجد ما ينقضه من انتقاض في الإثبات، أو غيره عدا التقادم.

أما ما وقع فيه الاعتداء حق من حقوق الله سبحانه وتعالى، وجاء إثباته عن طريق شهادة الشهود، فقد ذهب فقهاء الأحناف، وابن أبي ليلى أن مثل ذلك يؤثر فيه التقادم سواء في سماع الدعوى به، أو في تنفيذ الحكم المتقادم الناتج عنه.

أما فقهاء القانون، فإنهم لم يفرقوا بين ما وقع عليه السلوك الإجرامي من حيث هو حق للفرد أم للمجتمع.

<<  <   >  >>