للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإمام أبو حنيفة وأصحابه من أحاديث، فإنها أحاديث ضعيفة؛ لأنه قد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنقل الثابت، ما يردها، ويفيد أن ما أسكر كثيره، فقليله حرام١.

كما أن المقصود من الرزق الحسن في قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ} ، ليس هو القليل الذي لا يسكر، بل المقصود هو التمر، والزبيب وما أشبههما مما ليس بحرام٢.

مما سبق يتضح ما بين أبي حنيفة وأصحابه، وبين جمهور الفقهاء من خلاف في إيجاب الحد على من شرب من النبيذ، قدرا لم يصل به حد السكر، وهو خلاف لا تقوم به شبهة الجهة، وذلك؛ لأن أدلة من أجاز أدلة ضعيفة، والدليل لا يقوى على درء ما أوجبه الدليل القوي الثابت بيقين.

كما ان المختلف فيها، يغاير سائر ما اختلف فيها مما يوجب الحد من جرائم من وجهين:

أولهما: أن فعل المختلف فيه ههنا يفتح الباب إلى فعل ما أجمع الفقهاء على تحريمه، ويرغب فيه ويحض عليه.

ثانيهما: أن الأحاديث الشريفة التي بينت تحريم قليل ما يسكر كثيره، أحاديث كثيرة مستفيضة لم تبق عذرًا لأحد في اعتقاده إباحة ذلك.

وعليه، فلا يقوى الخلاف هنا على درء الحد لضعف الشبهة، ضعفًا يكاد لا يبقى لها وجود.


١ تفسير القرطبي ج٥ ص٣٧٤٦.
٢ تفسير الجلالين ص٢١٩ ط المشهد الحسيني، ويراجع في ذلك شرح الزرقاني ج٨ ص١١٢، حاشية الدسوقي ج٤ ص٣٥٢، أسنى المطالب ج٤ ص١٥٨ مغني المحتاج ج٤ ص١٨٧، المغني ج٨ ص٣٠٣-٣٠٦، مباني المنهاج ج١ ص٢٦٧-٢٧٠.

<<  <   >  >>