للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د: التوبة وما ينتج عنها من آثار

الجرائم: التي يأتيها الجاني إما أن تكون جرائم تعزيرية، أو جرائم حدية.

والجرائم التعزيرية قد فوض الشارع فيها ولي الأمر في اختيار ما يناسب كل جريمة، ومن جناها من العقوبات.

وعلى هذا فإن ولي الأمر إذا رأى أن الجاني قد تاب توبة ظهرت أماراتها، فإن له أن يعفو عنه، ويكفي ما كان من أمر إحضاره، أو حضوره لمجلس القضاء، ويطالب بما للآدميين من أموال، إن كانت جنايته قد أتت عليها إلا أن يسامحوه فيها.

يدل على قبول التوبة، وإسقاط العقوبة التعزيرية بها ما ورد من أن رجلا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا، فأقمه علي، ولم يسأله الرسول، وحضرت الصلاة، فصلى الرجل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما انتهت الصلاة، قام الرجل، وقال: يا رسول الله إني أصبت حد، فأقم علي ما في كتاب الله قال -صلى الله عليه وسلم-: "أليس قد صليت معنا؟ قال: نعم، قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو حدك". أخرجه البخاري ومسلم.

وفي رواية: إني عالجت امرأة من أقصى المدينة، فأصبت منها ما دون أن أمسها، فأنا هذا فأقم علي ما شئت، فقال له عمر: لقد ستر الله عليك، لو سترت على نفسك١.

فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسقط العقوبة عن هذا الرجل لتوبته التي رأى أماراتها في مجيئه تائبًا يطلب أن تقام عليه العقوبة.


١ نيل الأوطار للشوكاني ج٧ ص١١٤ ط مصطفى الحلبي.

<<  <   >  >>