للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ظهر أثر الشبهات في العقوبات الحدية واضحًا ملموسًا، وما دام الهدف من أعمال مبدأ درء الحد بالشبهة، هو تحقيق العدالة، واحترام حقوق المدعى عليه، فليس هناك ما يمنع من أعمال هذا المبدأ بالنسبة للعقوبات التعزيرية.

ولا يعارض ذلك ما ورده ابن نجيم "من أن التعزير يثبت مع الشبهة"١.

لأن إثبات الجريمة التعزيرية، وإلزام المدعى عليه عقوبة من العقوبات التعزيرية. لا يتطلب شكلية معينة، أو شروطًا محددة يتحتم استكمال عناصرها، بل يكفي لإقامة العقوبة التعزيرية، وإلزام المدعى عليه بها اقتناع القاضي، واستنتاجه، أو أنه المقارف للفعل من خلال الظروف، والملابسات والقرائن المصاحبة.

كما أن أعمال الشبهات بالنسبة للعقوبات التعزيرية، لا يعترض أيضًا عليه بما أورده السيوطي من أن الشبهة لا تسقط التعزير، وإن كانت تسقط الكفارة؛ لأن هذا القول يرده الواقع، إذ أن السيوطي نفسه قد أورد أن الشبهة تنتج التخفيف، وعلى هذا فإن التخفيف في العقوبة، يمتد أثره إلى كل أنواع العقوبات، ولا دليل على قصر أثره على عقوبة دون أخرى.

وقد وضح السيوطي القضية بما يأتي:

"لو جامع ناسيًا في الصوم، أو الحج فلا كفارة للشبهة، وكذا لو وطئ على ظن أن الشمس، أو أن الليل باق، وبان خلافه، فإنه يفطر ولا كفارة".


١ زين العابدين إبراهيم بن نجيم المصري، الحنفي المتوفى سنة ٩٧٠هـ، الأشباه والنظائر ص١٣٠.

<<  <   >  >>