للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحدها، مطلقًا من غير نظر في جهله، وإنما لا بد وأن ينظر في ذلك، أهو جهل يعذر به، ويعتد به في إسقاط العقوبة الحدية عنه أم لا.

كما أنه لا يمكن أن يؤاخذ الناس بزلات ألسنتهم، إذا رجعوا عنها فور عملهم بما وقعوا فيه، خصوصًا فيما يتعلق بالعقيدة.

ولأن زلل اللسان، خطأ غير مقصود، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد بين أن الله رفع عن أمته الخطأ، والنسان وما استكرهوا عليه.

ولجواز أن يقع ذلك ممن سكر، وذهب عقله بسكره، ولا يتصور أن السكران يقصد الكفر، فيحكم عليه بالدره خصوصًا إذا رجع بعد إفاقته؛ ولأن السكران يلزم بحد السكر، فلا يجمع عليه معه حد الردة، التي لم يقصدها ورجع عنها. وذلك إن لم يكف للحكم بعدم قيام الجريمة منه أصلًا، فلا أقل من أن تنهض به شبهة، تدرأ عنه الحد أخذا بما قرره جمهور الفقهاء، من أن الحدود تدرأ بالشبهات.

"أثر الشبهات في العقوبة التعزيرية":

وضح مما سبق أثر الشبهات في العقوبات الحدية، فهي تدرأ هذه العقوبة، وينتج عن ذلك أما إسقاط جنس العقوبة عن المدعى عليه، وأما إسقاط نوع العقوبة عنه، بمعنى إعفائه من العقوبة الحدية لوجود الشبهة الدارئة لها، وإلزامه عقوبة تعزيرية مناسبة، بما في ذلك ما يلزم به من تعويضات مالية في بعض الحالات، والهدف من ذلك كله ضمان تحقيق العدالة، واحترام حقوق المدعى عليه، وعدم مؤاخذة بريء بفعل لم يصدر منه، أو لم يثبت عليه بالصورة التي يلزمه بها الحد، إذا الأصل براءة الذمة.

<<  <   >  >>