للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورد ابن الخطاب -رضي الله تعالى عنه على رجل جاءه يسأله: يا أمير المؤمنين إن لي بنتا أسلمت، وأصابت حدًا من حدود الله، فعمدت إلى الشفرة لتذبح نفسها فأدركتها، ثم أقبلت بتوبة حسنة فهي تخطب إلي، أفأخبر من شأنها الذي كان؟

فقال له عمر: أتعهد إلى ما ستره الله فتبديه؟ والله لأن أخبرت بشأنها أحدًا من الناس لأجعلنك نكالًا لأهل الأمصار، بل أنكحها بنكاح المسلمة العفيفة.

هذه هي الشريعة الإسلامية، ونظمها العقابية أرحم في منطوقها، وحقيقتها من الوالدة بولدها، ولا يخفى أنها مع اهتمامها بالجاني والظروف المحيطة به، وإصلاحه لم تمهل المجني عليه، بل تعهدته بالرعاية والعناية، وشفت صدروه من كل ما ينؤ به من إتقان فالتقى الناس على محجتها وتحت لوائها إخوة متحابين.

أين عناية التقنيات الوضعية، وعلاجها من ذكل كله من يوم أن خط مشرع وضعي قلم حتى اليوم الذي نحياه.

٣- التشريع الجنائي الإسلامي شق من الشريعة ذاتها، فسلطة التجريم أو الإباحة أم يعطيها الشارع أحدًا من الخلق: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} .

هذا بالنسبة للأحكام القطعية، أما الأحكام الظنية، وهي التي لم يرد فيها نص قطعي ولا إجماع، فإن لولي الأمر سلطة التصرف في تقنينها بما يحقق مصالح الناس على أساس ما وضع المشرع، ولقد أنتج هذا الإحكام التشريعي استقرارًا تشريعيًا، نظرًا؛ لأن القواعد الحاكمة للسلوك قواعد موضوعية، تؤثر في السلوك ولا تتأثر به.

<<  <   >  >>