للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تجريم ولا عقاب إلا بشرع مبلغ:

منذ بدء الخليقة وضع الله سبحانه وتعالى قواعد تشريعية عادلة، وقاطعة فلا جريمة ولا عقوبة إلا بشرع مبلغ، ويحدد ويوضح.

وليس ذلك في الأمور القضائية التي تحكم علاقات الناس فحسب، وإنما أيضًا في الأمور الدينية، التي تنظم علاقات الناس بخالقهم.

ولا أدل على ذلك مما جاء به القرآن الكريم مما كان من أمر آدم عليه السلام حين أسكنه الله الجنة، وأباحها له، عدا شجرة نهاه عن الأكل منها: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} ١.

فهذا النهي تشريع بلغ لآدم أولًا، ثم لما لم يلتزم به ألزم بما ترتب على المخالفة: {فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} ٢ {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} ٣.

كما جاء القرآن الكريم بنصوص واضحة، وصريحة خاصة بتقرير هذا المبدأ السماوي العدل مثل قوله تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ٤.

وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} ٥.


١ الآية ٣٥ من سورة البقرة.
٢ الآية ١٢١ من سورة طه.
٣ الآية ٣٦ من سورة البقرة.
٤ الآية ١٥ من سورة الإسراء، تفسير القرطبي ج٥ ص٣٨٤٧ ص٤٢٩٥.
٥ الآية ٥٩ من صورة القصص.

<<  <   >  >>