للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا هو المبدأ التشريعي السماوي عرفه آدم أبو البشر، قبل أن تخطو قدم إنسان فوق هذه الأرض.

كما ضمن إليه سبحانه وتعالى ما أنزله على خاتم الرسل والأنبياء، هذا المبدأ التشريعي، وطبقه فقهاء المسلمين والتزموا به١.


١ ذكر الأستاذ الدكتور محمود مصطفى أن قاعدة لا جريمة، ولا عقوبة إلا بنص لم تكن معروفة في مصر قبل قوانين سنة ١٨٨٣م، وقد تكفل بالرد عليه الأستاذ الدكتور سلام مدكور، فقال: نحن نوافقه على أنها لم تكن معروفة لدينا في قانون موضوع، لكنا نقول: أنها كانت معروفة في الفقه الإسلامي، بقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا} ، ومن القواعد الأساسية في الأشياء والأفعال الإباحة وهاتان القاعدتان، تفيد كل منها أن الركن الشرعي للجريمة هو وجود نص محرم، فإذا لم يوجه نص يحرم الفعل أو الترك، كان ذلك الفعل مباحًا لا إثم فيه.
كما أن ما جاء النص بتحريمه إنما يعتبر جريمة بتقرير عقوبة عليها، حدًا كانت العقوبة أو تعزيرًا، وفي ذلك يقول الماوردي في الأحكام السلطانية ص٢١١: الجرائم محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير".
وعلى هذا فإن كانت القوانين الوضعية جميعها في مختلف الأوطان لم تعرف هذه القاعدة إلا في القرن الثامن عشر، أو حتى الثالث عشر في إنجلترا، فإنها جاءت في التشريع الإسلامي من نحو أربعة عشر قرنا هجريا، وقد كان المطبق في مصر قبل سنة ١٨٨٣ هي أحكام الشريعة، ومعنى هذا أن القاعدة المذكورة كانت معروفة في مصر معمولًا بها قبل أن تعرف مصر التقنين، والقوانين بصفة عامة، الإباحة عند الأصوليين أ. د: سلام مدكور ص٥٠-٥١ ط سنة ١٩٦٥ دار النهضة العربية.

<<  <   >  >>