للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كاف لجعل الجريمة عمدية. وقد سبق أن أوضحنا هذا الخلاف في أركان الجريمة عمدا١.

ب- جناية تتم بعمل مباشر غير إرادي:

وإن كانت الجناية ناتجة عن عمل مباشر غير إرادي؛ كما لو انقلب نائم على طفل فقتله، فإنها تكون خطأ عند جمهور الفقهاء؛ لوجود المباشرة وانعدام القصد، وخالف في هذا الحنفية وبعض الحنابلة، فجعلوا هذا النوع يجري مجرى الخطأ، وليس خطأ؛ وذلك لأن النائم لا يوصف فعله بالعمد ولا بالخطأ، إلا أنه يعتبر كالخطأ في الأحكام؛ لأن المقتول مات بثقل جسمه، فكأنه مات بفعله؛ حيث يضاف القتل إليه في الظاهر، فيأخذ حكم الخطأ، فيجب فيه ما يجب في الخطأ من الدية -كما أوضحنا فيما سبق- فالخلاف في التكييف لا في الحكم٢.

مصدر هذا الخطأ ومنشأ المسئولية:

يمكننا أن نرد الخطأ الحادث في هذين النوعين من الجناية إلى عدم احتياط الجاني الاحتياط الكافي، وعدم حذره الحذر المطلوب عقلا، وقد يكون لرعونته وإهماله، سواء بدا هذا فيما صدر منه من أعمال إرادية، حيث لم يحط بالأبعاد التي يمكن أن يصيب بها طلقه الناري من مخلوقات أو أشياء غير الصيد الذي كان يقصده، وهذا أمر يختلف من شخص إلى شخص؛ ولكن الفقه الإسلامي لا يفرق في عقوبة القتل الخطأ بين شخص وشخص، أو ظهر هذا مما حدث منه من عمل مباشر غير إرادي؛ حيث


١ راجع الركن الثالث من أركان الجريمة العمدية في الفقه الإسلامي.
٢ وما يصدر عن الصبي والمجنون من أفعال تؤدي إلى جريمة اعتبر خطأ عند جمهور الفقهاء، اعتمادا على ما صاحب إرادته من ضعف أو فقد بسبب صغر أو مرض، يتمشى مع هذا التكييف؛ حيث إن الإرادة هنا غير موجودة بسبب النوم وهو ظاهرة طبيعية، وقد أوضحنا فيما تقدم آراء الفقهاء تفصيلا، راجع جناية الصبي والمجنون.

<<  <   >  >>