يرى جمهور الفقهاء "الحنفية والمالكية -في القتل بسبب- والشافعية والحنابلة -كما هو ظاهر كلامهم في تعريف العمد- والزيدية والإمامية": أنه لا بد أن يكون المعتدَى عليه إنسانا معينا؛ لكي تكون الجريمة عمدية، أما لو قصد إنسانا معينا "عمرًا" فأصاب آخر "خالدًا"، فإن الجناية عندهم تكون خطأ؛ لأنه لم يقصد قتل خالد هذا، وإنما قصد عمرًا فأصاب خالدًا خطأ، فتكون الجناية خطأ.
وهم في هذا ينظرون إلى من وقعت عليه الجناية فعلا، هل كان قتله مقصودا أم غير مقصود؟ فإذا كان غير مقصود فإنه يكون خطأ وإن كان مقصودا كان عمدًا.
ويرى المالكية "في القتل مباشرة" ورأي مرجح عند الحنابلة١ مروي عن الإمام أحمد أنه إن قصد عمرًا فأصاب خالدًا تكون الجناية عمدا؛ لأنه قصد قتل آدمي معصوم الدم، وما دام قد قصد قتل آدمي فلا يغير من وصف الجريمة بالعمدية كون المقتول إنسانا آخر غير الشخص الذي قصد قتله.
وأرى رجحان رأي المالكية ومن وافقهم في عدم اشتراط قصد إنسان معين إذا كان القتل بالمباشرة؛ وذلك لأن النتيجة "القتل" قد حدثت فعلا، وكونه لم يردها لمن وقعت عليه أورادها للآخر، لا يغير من خطورته على المجتمع، والمجتمع كله وحدة واحدة، ويؤيد هذا قوله تعالى:{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} .
وأما القتل بسبب فنظرا لاشتراك المجني عليه في وقوع الجناية؛ بسبب عدم تحرزه وقلة حيطته حتى سقط في البئر مثلا، أو اصطدم بما وضع له في طريقه؛ لذلك كان التشديد هنا باشتراط قصد إنسان معين ضروريا في جعل الجناية عمدية موجبة للقصاص.