للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: عقوبة القتل الخطأ]

[مدخل]

...

المبحث الثالث: عقوبة القتل خطأ:

قد قررنا فيما سبق أن عقوبة القتل العمد تكون أخروية كما تكون دنيوية، أما القتل خطأ فإن عقوبته الأخروية مرفوعة؛ لأن الخطأ لا يوصف بالحل وبالحرمة، ولا بالحظر ولا بالإباحة، وقد قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} ١.

وروي عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" حديث مشهور، فالقرآن والحديث يثبت أن الخطأ كله معفو عنه، لا جناح على الإنسان فيه، ولا يجب على الإنسان حكم في الجناية خطأ، إلا أن يوجب ذلك نص صريح أو إجماع متيقن.. وقد أثبت كتاب الله تعالى وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- عقوبة دنيوية للقتل خطأ، وذلك بقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ ... } الآية٢، وأحاديث الرسول كثيرة سيأتي نصها في بيان مقدار الدية، فبقي ما عدا ما نص عليه القرآن والحديث مرفوعا، وهو الإثم وما يتبعه من عقوبة أخروية، وإن كان الخطأ لا يعرى عن الإثم من حيث ترك العزيمة، والمبالغة في التثبت في حال الرمي؛ إذ إن شرع الكفارة يؤذن باعتبار هذا المعنى، ونكتفي بهذا، ثم نوضح العقوبة الدنيوية من دية وكفارة وحرمان من الميراث والوصية.


١ سورة الأحزاب الآية رقم ٥.
٢ تقدم نصها، سورة النساء الآية رقم ٩٢.

<<  <   >  >>